سباق خاسر لقنوات الأفلام العربية المفتوحة والمشفّرة
روتانا، والأوربت، والشوتايم و«ميلودي أفلام»قنوات سينمائية عربية تتسابق في الاستحواذ على نسبة مشاهدة عالية من جمهور يفضل التليفزيون ولا يملك الوقت أو الجهد وأحيانا المال ويفضل الاسترخاء داخل البيت على مشقة العناء للذهاب إلى السينما وتحمل تبعات ما يمكن أن يتعرض له من سماع تعليقات سيئة أو مواقف محرجة له أو أسرته.
وحاليا تفكر «الإم بي سي» في إطلاق قناة للدراما العربية قريبا، وكانت روتانا قد سبقت الجميع في تجربة إطلاق قناة سينمائية عربية مفتوحة غير مشفرة أحدثت انقلابا في فكرة القنوات السينمائية العربية التي بدأتها الايه آر تي بقناتيها أفلام 1 وأفلام 2، تلتها الاوربت وأطلقت هي الأخرى قناة سينما 1 ثم سينما 2، وبعدها أطلقت الشوتايم قناة الشاشة ثم الشاشة اكسترا. لكن الفكرة التي ابتكرتها روتانا كانت بالفعل جديدة فهي تقدم التسلية مجانية من دون مقابل.
ولهذا لم يكن غريبا أن يكون رد الفعل كبيرا لتتهافت الإعلانات على القناة حتى فقد المشاهد متعته بالتقطيع المتواصل للفيلم وبكم كبير من الإعلانات جعلت مدة الفيلم تصل أحيانا إلى الأربع ساعات، ردت عليها قناتا الأوربت والشوتايم بحملة إعلانية تؤكد أنهما يقدمان الأفلام بلا انقطاع أو فواصل إعلانية (لأنه ببساطة لم يكن عندهما إعلانات حقيقية حيث نسبة مشاهدتهما تتعلق بعدد المشتركين).
خرجت الاوربت وشوتايم من المنافسة على كعكة الأفلام العربية بعد دخول قناة ميلودي بقناة أخرى للسينما العربية مجانية دون مقابل ويقال إن الايه آر تي كانت وراء هذه القناة من الباب الخلفي حتى تواجه روتانا سينما التي جذبت المشاهد ما شجعها على إطلاق قناة سينمائية أخرى أسمتها روتانا زمان.
قاومت الايه آر تي بضراوة وسعت لشراء احدث الأفلام حتى تواجه المنافسة الشرسة من القنوات المفتوحة واستطاعت أن تصمد لأنها تمتلك مكتبة سينمائية لا بأس بها ربما غير موجودة إلا عندها وقدمت قناة جديدة أعطتها اسم ايه آر تي سينما بطريقة دفع مختلفة تحقق لها تقديم أعمال سينمائية جديدة ومتميزة وحديثة جدا ومن اجل ذلك تقدم فيلمين كل شهر لتضمن رصيدا من الأفلام يغطي العام كاملا.
المشكلة الحقيقية بعد انتشار القنوات السينمائية العربية هي أنها في الحقيقة لا تجد أفلاما كافية يمكن أن تسد ساعات الإرسال الطويلة على مدار الساعة خاصة أن المشاهد العربي لا يفرق بين الليل والنهار ومستعد لان يكون جهاز التليفزيون يعمل على مدار 24 ساعة.
قنوات الأفلام إذن وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه فهي مطالبة بسد نهم المشاهد بأفلام جديدة، ومطالبة بوضع خريطة متوازنة بحيث لا تتكرر الأفلام المعروضة وتكون الفترة الزمنية بين كل عرض كافية لكي ينساها المشاهد أو يكون متلهفا لرؤيتها مرة أخرى.
لكن الكارثة هي أنها إذا استطاعت أن تحل المشكلة الأولى فانها لن تستطيع حل الثانية، فمكتبة الأفلام العربية في النهاية محدودة حيث لم تنتج السينما المصرية على مدار تاريخها أكثر من 4000 فيلم، منها عدد كبير غير صالح للعرض بعد أن أصابها التلف رغم محاولات روتانا وإعلاناتها المستمرة عن انها رصدت أموالاً طائلة لترميم تراث السينما المصرية ودخولها في إنتاج بعض الأفلام ونافستها الايه آر تي في ذلك.
وبالتالي مهما حاولت القنوات وباعدت في الفترة الزمنية لعرض الأفلام تسابقها القنوات الأخرى وتعرض الفيلم نفسه بالإضافة إلى القنوات العامة التي تدخل هي الأخرى في اللعبة وتعرض الأفلام العربية في سهراتها اليومية وهكذا أصبح سمة التكرار متواجدة وبأسلوب لافت،وفي أوقات كثيرة يكون التكرار واضحا إلى درجة انك ربما تنتهي من مشاهدة فيلم على هذه القناة تجده مذاعا على قناة أخرى بفترة قليلة، إن لم يكن بدقائق أو ساعات.
حاولت القنوات ايضا بالتنويع في قماشة واحدة فاخترعت أسابيع لأفلام نجم أو نجمة معينة، أو ان تخترع فكرة تربط بين الأفلام مثل أفلام المغامرات، أفلام الأم، أفلام الفتوات، الأفلام الرومانسية الخ.
وعلى رغم أن هناك من لا يصاب بالملل بمشاهدة الأفلام القديمة على أساس أن هناك بالفعل جمهورا يسعى ويحب مشاهدتها فإن المشكلة الحقيقية تكمن في الأفلام الجديدة التي قلما تجد من بينها فيلما «يبقي» في ذهن المتفرج من فرط سذاجتها وتفاهتها، هي أفلام تشاهدها لمرة واحدة وقد لا تكملها ومن المستحيل أن تكرر تجربة مشاهدتها مرة أخرى،مهما قدمت هذه القنوات من مغريات.
الغريب فعلا أن القنوات السينمائية تعتقد أنها حققت إنجازا بعرضها هذا الفيلم الجديد أو ذاك وتظل تعرضه مرات عديدة حتى تسبق غيرها في العرض لأنها اشترت حق العرض الأول ودفعت الكثير وتحاول استثماره إلى آخر مدى، مهما كان سخيفا أو مملا، المهم لديها ملء ساعات الإرسال بأي شكل وبأي مادة.
هل يستمر الوضع؟
الإجابة لا والدليل انصراف المشاهد العربي وعودته مرة أخرى إلى الأفلام الأجنبية والدليل أيضا حجم الشعبية التي حققتها دبي ون أو إم بي سي2 التي تعرض الأفلام الأجنبية على رغم تفكيكها في الفترة الأخيرة لعدة قنوات استثمارا للنجاح ولكم الإعلانات الكبير التي حصلت عليه، وحاولت الأوربت أو الشوتايم عرض أفلام إيرانية، مغربية أو لبنانية أو أفلاما ممنوع عرضها على القنوات المفتوحة حيث تصنف تلك الأفلام ضمن ما هو غير صالح أو غير مرغوب للعائلات المحافظة.
وبالتالي أصبحت القنوات العربية مطالبة بالبحث عن مخرج لان التكرار هو المسمار الأول في نعشها، وكم الإعلان وطول فقرته يفسد متعة المشاهدة ويفقد من رصيد جمهورها الكثير