بسم الله الرحمن الرحيم
الصحابى الجليل عمير بن سعد رضوان الله عليه وعلى الصحابة الاطهار الغر الميامين
كان اهل حمص شديدى التذمر من ولاتهم كثيرى الشكوه منهم فما جاءهم من وال الا وجدوا فيه عيوباً واحصوا له ذنوباً ورفعو امرهالى خليفة المسلمين وتمنوا عليه ان يبدلهم من هو خير منه فعزم الفاروق رضى الله عنه ان يبعث اليهم بوال لا يجدون فيه مطعناً ولا يرون فى سيرته عيباً , فأخذ الفاروق يتفحص رجاله ولم يجد خيرا من عمير بن سعد على الرغم من ان عميرا آن ذاك كان يضرب فى ارض الجزيره من بلاد الشام على راس جيشه الغازى فى سبيل الله فيحرر المدن ويدك المعاقل ويقيم المساجد فى كل ارض وطئتها قدماه ولما دعاه الفاروق وعهد اليه بولاية حمص وامره بالتوجه اليها أذعن للامر وهو كارها لانه كان لا يؤثر شيئا على الجهاد فى سبيل الله وعندما وصل عمير الى حمص دعا الناس الى صلاة الجماعه ولم قضيت الصلاه خطب الناس , فحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ثم قال : ايها الناس ان الاسلام حصن منيع وباب وثيق وحصن الاسلام العدل وبابه الحق فاذا دُك الحصن وحطم الباب استبيح حمى هذا الدين وان الاسلام ما يزال منيعاً ما اشتد السلطان وليست شدة السلطان ضرباً بالسوط ولا قتلاً بالسيف ولكن قضاءاً بالعدل وأخذاً بالحق .
ثم انصرف الى عمله لينفذ ما اختطه لهم من دستور فى خطبته القصيره .
قضى عمير بن سعد عاماً كاملاً فى حمص لم يكتب خلاله لامير المؤمنين كتاباً ولم يبعث الى بيت مال المسلمين من الخراج درهماً ولا ديناراً فأخذت الشكوك تدور فى نفس عمر الفاروق اذ كان شديد الخشيه على ولاته من فتنة الاماره فلا معصوم عنده غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقى عمير بن سعد كتابا من الفاروق مكتوب فيه " اذا جاءك كتاب أمير المؤمنين فدع حمص واقبل عليه واحمل معك ما جبيت من فيىء المسلمين " .
فأخذ عمير جراب زاده وحمل على عاتقه قصعته ووعاء وضوئه وامسك بيده حربته وانطلق الى المدينه ماشيا على قدميه , بلغ عمير المدينه وقد شحب لونه وهزل جسمه وطال شعره وظهرت عليه وعثاء السفر وعندما دخل على أمير المؤمنين ادهشه المنظر وقال ما بك يا عمير ؟ قال عمير : ما بى من شيىء يا امير المؤمنين 000 فأنا صحيح معافى بحمد الله 00 احمل معى الدنيا كلها واجرها من قرنيها .
فقال الفاروق : وما معك من الدنيا ؟؟ " وهو يظن انه يحمل مالا لبيت مال المسلمين ".
فقال عمير : معى جرابى وقد وضعت فيه زادى 00 ومعى قصعتى اكل فيها واغسل عليها راسى وثيابى و معى قربه لوضوئى 00 ثم ان الدنيا كلها يا امير المؤمنين تبعُ لمتاعى هذا وفضله لا حاجة لى ولا لأحد غيرى فيها .
فقال الفاروق : وهل جئت ماشياُ ؟؟
قال عمير : نعم يا امير المؤمنين .
فقال عمر الفاروق : أما اعطيت من الاماره دابة تركبها؟؟
فقال عمير : هم لم يعطونى وانا لم اطلب .
فقال الفاروق: وأين ما اتيت به لبيت المال ؟؟؟
فقال عمير : لم أت بشيىء.
فقال الفاروق : ولم ؟؟
فقال عمير : لما وصلت الى حمص جمعت صلحاء اهلها ووليتهم جميع فيئهم فكانوا كلما جمعوا شيئا منه استشرتهم فى امره ووضعته فى مواضعه وانفقته على المستحقين منهم .
فقال الفاروق لكاتبه : جدد عهداً لعمير على ولاية حمص .
فقال عمير : هيهات 000 فان ذلك شيىء لا اريده ولن اعمل لك ولا لأحد بعدك يا امير المؤمنين .
ثم استأذن بالذهاب الى قرية فى ضواحى المدينه يقيم بها اهله فأذن الفاروق له .
لم يمض غير قليل من الوقت حتى اراد عمر الفاروق ان يختبر صاحبه ويستوثق من امره فقال لواحد من ثقاته يدعى الحارث: انطلق يا حارث الى عمير بن سعد وانزل كأنك ضيف فان رايت عليه اثار النعمه فعد كما اتيت وان وجدت حالا شدياً فأعطه هذه الدنانير , ثم ناول الفاروق الحارث صره بها مائة دينار وانطلق الحارث حتى بلغ القريه وسأل عن عمير بن سعد حتى اذا لقيه قال : السلام عليكم ورحمة الله وركاته .
فقال عمير : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته 00 من اين اتيت ؟ قال الحارث: من المدينه .
فقال عمير : كيف تركت المسلمين ؟ قال الحارث: بخير .
فقال عمير: كيف امير المؤمنين ؟ قال الحارث : صحيح صالح .
فقال عمير : اليس يقيم الحدود ؟ قال الحارث : بلى ولقد ضرب ابنا له لفاحشة اتاها .
فقال عمير : اللهم أعن عمر فانى لا اعلمه الا شديد الحب لك .
أقام الحارث فى ضيافة عمير بن سعد ثلاث ليال فكان يعطيه فى كل ليله قرصاً من شعير فلما كان اليوم الثالث جاء للحارث رجلاً من القوم وقال له : لقد اجهدت عميراً واهله فليس لهم الا هذا القرص الذى يؤثرونك به على انفسهم وقد أضر بهم الجوع والجهد فان رايت ان تتحول عنهم عندى فأفعل 00 عند ذلك أخرج الحارث الدنانير ودفعها الى عمير 0 فقال عمير : ما هذا ؟
فقال الحارث: بعث بها اليك امير المؤمنين .
فقال عمير: ردها اليه وأقرأ عليه السلام وقل له لاحاجه لعمير بهذة الدنانير فصاحت امرأته وكانت تسمع ما يدور بين زوجها وضيفه وقالت: خذها يا عمير فات احتجت اليها انفقتها والا وضعتها فى مواضعها فالمحتاجون كثير .
فلما سمع الحارث قولها القى الدنانير بين يدى عمير وانصرف فأخذها عمير وجعلها فى صرر صغيره ولم يبت ليلته الا بعد ان وزعها بين ذوى الحاجات وخص منهم ابناء الشهداء .
عاد الحارث الى المدينه واخبر الفاروق بما كان وحدث فكتب الفاروق الى عمير انه اذا جاءك كتابى هذا فلا تضعه بين يديك حتى تقبل على توجه عمير بن سعد الى المدينه وعندما دخل على الفاروق امير المؤمنين حياه عمر ابن الخطاب ورحب به وادنى مجلسه ثم قال له: ما صنعت بالدنانير ياعمير ؟
قال عمير : وما عليك منها ياعمر بعد ان خرجت لى عنها ؟؟؟
فقال الفاروق : عزمت عليك ان تخبرنى بما صنعت بها .
فقال عمير : ادخرتها لنفسى لانتفع بها فى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .
فدمعت عينى عمر الفاروق وقال : اشهد انك من الذين يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصه .
ثم امر له بحمل بعير من طعام و ثوبين .
فقال عمير اما الطعام فلا حاجه لنا به يا امير المؤمنين فقد تركت عند اهلى صاعين من شعير والى ان نأكلها يكون الله عز وجل قد جاءنا بالرزق وأما الثوبان فآخذهما فأن زوجتى قد بلى ثوبها .
ولم يمضى وقت طويل بعد هذا اللقاء حتى أذن الله لعمير أن يلحق بنبيه وقرة عينه صلى الله عليه وسلم فمضى عمير فى طريق الاخره وادع النفس واثق الخطو لا يثقل كاهله شىء من احمال الدنيا مضى وليس معه الا نوره وهداه وورعه وتقاه ولما بلغ الفاروق نعيه وشح الحزن وجهه واعتصر الاسى فؤاده .
وقال : وددت ان لى رجالاً مثل عمير بن سعد استعين بهم فى اعمال المسلمين .
انتهت قصه عمير بن سعد الغلام المحب لله ورسوله والصحابى الجليل والمجاهد فى سبيل الله والتقى الورع .
وأنا حقاُ اتعجب من اناسا لا يتوقفون عن سب الصحابه الاطهار وانا اقول لهم اعرفوا تاريخ العظماء .
اعرفوا تاريخ من ضحى فى سبيل الدين .
اعرفوا تاريخ من ضحى فى سبيل نشر دين الله عز وجل ليكونو اصحاب للرسول الله صلى الله عليه وسلم .